مع تضاعف كمية مخلفات الفضاء التي تسبح منذ عقود طويلة في مدارات متعددة حول كوكب الأرض وتحديدا مع إطلاق أول قمر صناعي في أواخر خمسينيات القرن الماضي تزايد اهتمام علماء الفضاء بمحاولات التخلص من هذه المخلفات بطرق آمنة نظرا لما تشكله من خطورة علي سلامة المركبات الفضائية والأقمار الصناعية التي تدور حول الارض.
- وتشكلت مخلفات الفضاء أو الحطام الفضائي، كما أطلق عليها العلماء مؤخرا، من القطع التي انفصلت عن الأقمار الصناعية والصواريخ التي انطلقت إلي الفضاء خلال السنوات الماضية بالإضافة إلي الأقمار الصناعية المتهالكة والخارجة عن الخدمة وحاويات الحمولات الفضائية والوقود وأجسام الصواريخ ومخلفات المهام الفضائية بالإضافة إلي انفصال أجسام غير مخطط لها.
ووفقا لتقرير شبكة المراقبة الفضائية الأمريكية فإن كمية المخلفات الفضائية حول الأرض بلغت نقطة الخروج عن السيطرة بعد أن تزايدت كمياتها منذ ما يقرب من عشرة آلاف قطعة عام 2006 الي أكثر من ستة عشر ألف قطعة هذا العام الأمر الذي يجعلها معرضة للاصطدام بالأجسام الفضائية الأخري فقد تتسبب في تعطيل وربما تدمير المركبات الفضائية والأقمار الصناعية التي يبلغ عددها ما يقرب من ألف قمر صناعي وتجاري وعسكري ومدني وإذا حدث التصادم بين قطعتين من المخلفات فإنهما يتفتتان إلي قطع صغيرة مما يزيد من صعوبة التخلص منها مستقبلا وكان أول تصادم فضائي قد وقع في فبراير عام 2009 عندما اصطدم قمر صناعي أمريكي بآخر روسي خارج الخدمة فوق سيبيريا مخلفا آلاف القطع الجديدة من الحطام ويعود الكم الأكبر من المخلفات الفضائية إلي روسيا ويشكل 5833 جسما أما الولايات المتحدة الأمريكية 4824 جسما تلتهما كل من الصين وفرنسا واليابان. وحذر العلماء الأمريكيون مؤخرا من التقلص المتزايد لطبقة الغلاف الجوي الخارجي لكوكب الأرض وهو ما سيؤثر علي حركة الأقمار الصناعية وبقايا الحطام الفضائي ويزيد من احتمال سقوط بعضها علي كوكب الارض.
وتقديرا من الوكالة الوطنية لتكنولوجيا الملاحة الفضائية والفضاء ناسا للأبحاث الفضائية لخطورة الأمر فقد كرس العديد من العلماء والباحثون العاملون بها جهودهم في محاولة منهم لمواجهة هذه الظاهرة الفضائية وأشار ماسون بيك مدير الوكالة إلي أن العلماء توصلوا الي عدة حلول مقترحة ومعدة للتنفيذ أهمها تصميم ما يشبة الشباك العملاقة التي تعترض مسار المخلفات وتقوم بجمعها خاصة القطع كبيرة الحجم قبل أن تتفتت إلي قطع صغيرة يصعب جمعها وتجذبها الي مدارات آمنة بعيدة عن المدارات التي تسبح فيها المركبات الفضائية والأقمار الصناعية حتي لا تصطدم بها ومن الممكن جذبها نحو الغلاف الجوي حيث يمكن حرقها والتخلص منها بصورة آمنة بواسطة أشعة الليزر.
وفي فبراير الماضي أعلن باحثون من جامعة سويسرا وعلماء بمركز تكنولوجيا الفضاء الفيدرالي السويسري في مدينة لوزان أنهم نجحوا في تصميم أول مركبة فضائية لتنظيف الفضاء وتحمل اسم "كلين سبيس وان" لجمع المخلفات التي تدور في مدارات مختلفة حول الأرض وكذلك إعادة الأقمار الصناعية القديمة والمتهالكة إلي الكوكب وهي أشبه بالمكنسة الكهربائية فهي تدور حول كوكب الأرض وعندما تمر بالقرب من المخلفات تجذبها نحوها وتمسك بها بواسطة كلابات ضخمة وقوية وتجذبها نحو الغلاف الجوي حيث يتم التخلص منها وينوي مركز تكنولوجيا الفضاء السويسري إطلاق هذه المركبة خلال خمس سنوات لتنظيف 16 ألف قطعة بحجم أكبر من 10 سنتيمترات من الحطام الفضائي التي تدور حول الأرض وذلك بتكلفة تصل إلي 11 مليون دولار أمريكي. وفي ولاية جنوب كارولينا الأمريكية تم تخصيص مبلغ 1.9 مليون دولار أمريكي لتطوير مركبة فضائية تدعي "EDDE" والتي من المفترض أن تقوم بالاقتراب من المخلفات وتلقي عليها نوعا خاصا من الشباك لتجذبها إلي مدار أقرب من سطح كوكب الأرض ليتم تحطيمها.
ويعود الاهتمام بالتخلص من قطع المخلفات الفضائية الي أنها قد تتسبب في خسائر بالمليارات لما قد تسببه من أضرار بالغة في هيكل المركبات الفضائية والأقمار الصناعية وبالرغم من صغر حجم بعض هذة المخلفات إلا أنها تتميز بقدرة تخريبية كبيرة فمعظم هذه المخلفات تسير بسرعة 27 كيلومترا في الساعة مما يجعلها من الممكن أن تخترق هيكل المركبات الفضائية وأن تشكل خطرًا علي حياة رواد الفضاء وهذه السرعة تزيد من خطورة هذه المخلفات مهما صغر حجمها فجسم من هذه المخلفات بحجم كرة التنس يسير بهذه السرعة يحمل قدرة تفجيرية توازي 25 إصبعا من الديناميت وتتوقع وكالة ناسا زيادة كمية الحطام الفضائي في مدار الأرض المنخفض بنسبة 75% خلال المئتي عام المقبلة في حالة عدم التحرك بخطي جادة نحو التخلص من تلك المخلفات الفضائية المدمرة واتباع إجراءات التقليل منها مستقبلا.
أشارت الإحصاءات إلي أنه خلال الأربعين عاما الماضية جسم واحد من المخلفات الفضائية يدخل المجال الجوي للأرض يومياً وقد ينجو بعضها من الاحتكاك بالغلاف الجوي ويصل إلي سطح الأرض لكن معظم هذه الأجسام صغيرة ولا تسبب ضررا ومن أشهر الأحداث المتعلقة بدخول المخلفات الفضائية الي المجال الجوي وبلوغها لسطح الأرض كان في يوليو عام 1979 عندما دخلت المحطة الأمريكية سكاي لاب المجال الجوي للأرض قبل الموعد الحدد لها. وسقطت أجزاء المحطة التي تزن 78 طنا علي أجزاء متفرقة من أستراليا. وفي 22 مارس سنة 2007 سقط جزء من حطام قمر صناعي روسي كان يستخدم لأغراض تجسسية قرب طائرة الإيرباص إيه 340 التابعة لشركة خطوط الطيران التشيليّة وعلي متنها 270 راكبا خلال طيرانها عبر المحيط الهادي وإلي الآن تم تسجيل حالة إصابة واحدة بسبب المخلفات الفضائية وذلك في عام 1997 عندما أصيبت سيدة تدعي لوتي ويليامز في كتفها بجسم طوله 10 سنتيمترات وتم تأكيد وجود الجسم وحدد مصدره بأنه أحد أجزاء خزان الوقود لإحدي المركبات الفضائية التي أطلقتها القوات الجوية الأمريكية عام 1996.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق